ستقرأ نصوصي المتواضعة، هي ليست بنصوصٍ سريالية أو مدائح أو ما شابه، وهي ليست أطيافُ كلمات، ولا أدّعي المثالية، رغم أني لَم أكتُب بعشوائية، ولم أكُن يومًا صوتًا بلا لحن، ناديتُ واقعي فأجابني بمصداقيّة، نزعتُ ريشةً من يمامةِ سلامٍ بيضاءَ راقيّة، وكتبتُ بِحبرِ الأيام، وملامح الأزمان، عزيزي القارئ، تمعّن صفحاتي ببُطء، وإن كُنتَ مُعلمًا تعلّم وتأمّل صدفاتِ بحري من خبرتي المتواضعة...، كُن ممن يقرؤون بحُب، كُن ممن يزرعونَ عباراتنا ومفرداتنا هنا وهناك… علّها تُثمرُ والزرعُ يانع..
عزيزي القارئ:
لديّ رسالة معنوية، ولا تنقصني الشهرة ولا أريدُ مالًا رغدًا أو ما شابه، فأنا ختمٌ على ورق..، ستعيشُ صفحاتي جزءًا عميقًا منك، ستبكي... ستضحك..، ستلهو بغيم (التراجيديا) وستمطرُ السماءُ فرحًا بنصائح تربوية عميقة، ستدفعك إلى أعلى السلم، إلى المجد يا سادة، ما أرجوه أن تتركوا لي دعواتكم وترحلوا بفرحة...
لا شكّ أنّ ثقافتنا تغيّرت كثيرًا، تولّعنا بالسّفر بالإجازات والعطل. أصبحنا نتابع التّقويم السّنوي حتّى نعرف متى لدينا عيد أو عطلة حتى نسارع بالحجز لهذا البلد أو ذاك. ذوقنا في الرّحلات تغيّر كليًّا عن الماضي
ما أقوله هو أننا قد فقدنا الشّغف للكثير من تلك الأمور، حيث تمرّ علينا لحظات نشعر أنّ الحياة بلا هدف، وأنّ الأمل أصبح مفقودًا، وأنّ اللون الباهت يجتاح قلوبنا بين الحين والآخر. نحن بحاجة إلى الشّغف الذي يحرّك شعور الإنسان لأن يجتاز الحياة
الأفراد عندما يتجمّعون في جماهير يصبحون مختلفين تمامًا في سلوكهم عمّا يكونون عليه كأفراد. هذه الرّوح الجماعيّة تعزّز من الحماسة والعاطفة وتمكّن الجماهير من القيام بأعمال لا يمكن للأفراد القيام بها بشكل فردي.
نمت متأخرًا جدًا قبل العيد بيوم، نمت السّاعة الثّالثة فجرًا بعد أن عدت من سفرٍ، وقلت لنفسي أنني سأنام حتّى ساعة متأخّرة يوم العيد. لا حاجة للاستيقاظ مبكّرًا، فالزّوّار سيأتون بساعة متأخّرة نسبيًا. لكنني تفاجأت أنني استيقظت مبكرًا رغم نومي المتأخر.
هل تشعرون أنَّ رمضان يأتي بالوقت الذي نحتاجه دومًا؟ يعني يأتي رمضان ونحن على شفا هاوية الأوضاع السّياسيّة السّيّئة، والأوضاع الاقتصادية الأسوأ، ناهيك عن الأوضاع الاجتماعية والأسريّة. يأتينا كأنّه المسيح المنتظر يأتي ليخرجنا من حال إلى حال، حتى لو كان الانتقال والتّغيير مؤقّتًا.
هكذا أصبح حالنا عند الموت. أصبح الموت مناسبة للالتقاء بالأشخاص الذين لم نرهم منذ زمن طويل، أصبح ملتقى للأقارب الذين لم يلتقوا إلّا في المناسبات الحزينة، إلّا في الموت. أصبح الموت مناسبة اجتماعيّة لها فوائدها وحسناتها في التّقارب بين النّاس وتأليف القلوب
احذروا المسلسلات واحذروا تأثيرها على أبنائنا اللذين يرون هؤلاء المجرمين وهم يركبون السّيارات الفارهة ويسكنون البيوت الجميلة ويلبسون أغلى الثياب والحلى. بالمناسبة رأيت خلال تجوّلي في الحارات العربيّة، علامة غريبة منتشرة على حيطان المنازل. وعندما سألت عن هذه العلامة، اخبروني أنّها علامة مسلسل اسمه "الحفرة "
انظروا ماذا منحنا كأس العالم، ماذا منح أبناءنا وبناتنا، ونحن الشعوب والاجيال التي عاشت نكبات ونكسات طوال حياتنا، ولم نسمع بالانتصارات الا بالقصص وكتب التاريخ، جيل شاهد قوة الرّابط بين الشعوب العربية والتعطش للفرح والنصر ولو بكرة القدم
صعدت إلى مكتبي، وفي طريقي مررت بمكتب زميلي. نظرت إليه فلم أجد فيه شيئًا يشبه سارق غطاء إطار سيّارتي، لا مشيته ولا طريقة حديثه ولا حركات يديه
يجري العمر سريعًا. بعد أن نكبر في العمر نتوقّف عن خَلق الأحداث والقصص، فنحن أكثر حذرًا وأقلّ مجازفة، نقتنع بالقليل ونبتعد عن المخاطر والمجازفات. نقبع في البيت بعيدًا عن النّاس، وتنتقل الكُرة منّا إلى أولادنا وبناتنا.
لقد سمعت أحدهم يقول أنّ كل شعوب العالم تنظر إلى المستقبل بينما نحن، العرب، فإنّنا ننظر إلى الماضي. طبعًا هو يقصد أننا نبكي على أطلال الماضي البعيد.
هل تعرفون، "نِفسي" بكثير من الأشياء من الماضي.
سلسة رمضانية يومية تتناول أحداث وفضايا مجتمعيّة رمضانيّة.
من الكلمات التي صادفتها مؤخراً، خلال قراءاتي في شهر رمضان، كلمة "إماطة". "أماط الرجل اللثام": أزاحه عن وجهه وكشفه فظهر جليًا. حاولوا تكرار الكلمة وترديدها مع تأكيد حرف الطّاء والتّاء واسمعوا وقْعَها وأثرها. أعشق هذه الكلمة وأحبُ تكرارها.
في محاضرة في الجامعة سألني أحد الطّلاب الأجانب سؤالًا. فاجأني من جهة وأثار اهتمامي من جهة أُخرى. كان سؤاله كالآتي: "هل يبكي الرّجال عندكم؟! ومتى يفعلون ذلك؟!".
أعادني السؤال إلى الماضي القريب والبعيد وأخذت أعود في ذاكرتي إلى المناسبات أو الأحداث التي جعلتني أبكي.
السؤال المهم هُنا: ماذا يجعلنا نجري وراء الماركات الغالية، هل لأننا نرغب بأن نزيد ثقتنا بأنفسنا كما قالت الدّراسات؟! هل الملابس تعزّز من شخصيّاتنا؟! هل تزيد من نظرات الإعجاب ممّن حولنا؟! إذا كان الأمر كذلك فلماذا كلّما تقدّم بنا السّن، نلاحظ أننا لا نبدّل ثيابنا لعدة أيام؟
يوم واحد يفصلنا عن نهاية سنة 2022، من السّنوات الصّعبة التي مررنا بها، حيث اتّخذنا قرارات صعبة وانجازات تم تحقيقها واخفاقات تعثّرنا بها. دخلناها وكلّنا أمل أن تكون سنة خير وتفاؤل مثلما نفعل كل سنة. من هذه السّنة تعلّمنا الكثير الكثير وتخلّصنا من الكثير من الاعتقادات الكاذبة
أوقفوا قطار الزّمن إنّي أريد النّزول. لقد نسينا أنفسنا، بدأت أشعر أنّ حياتنا ذهبت سُدى، ليتنا نستطيع أن نمحو كلّ ما تعلّمناه وكلّ ما رأيناه وسمعناه وأن نبدأ من جديد. لقد قضينا حياتنا بين فترة وأُخرى
عرفت أشخاصًا عاشوا فقراء وماتوا فقراء وتركوا وراءهم أموالًا طائلة تمتّع بها أولادهم، فباعوا الأراضي والبيوت ولم يتركوا شيئًا في حين كان آباؤهم يعيشون على كسرة خبز خوفًا من الإسراف.
حملت حقيبتي وخرجت من البيت، لكنّي لم أرَ أثرًا لسيارة أجرة بسقفها ذي القبّعة الصّفراء. بدل ذلك رأيت سيّارة قديمة يجلس بداخلها رجل في منتصف العمر.
"طلبتم تاكسي؟" بادرني سائلًا. "نعم أنا قد طلبت، مين حضرتك؟". "أنا السّائق" قالها وقد نفذ صبره.
أحبّ الكتب وأحبّ رائحتها وملمسها. لطالما افتخرنا بامتلاكنا لكتاب فريد أو مميّز. لن تجد أمّةً عشقت القراءة والكتب مثل ما عشقها المسلمون الأوائل، فالجاحظ كان يستأجر دكّان الورّاقين ليلًا، يبيت فيها للقراءة. واسحاق بن راهويه، إمام الحديث والفقه، تزوّج من أرملة لأنّها تملك كتب الشّافعي!
يرى كل من يتابع الأخبار ومواقع التّواصل، يرى الفوضى بكلّ ما يخصّ العيد. رأيت قبل قليل خبرًا مفاده أنّ الجمعية الفلكيّة الفلسطينيّة تعلن تجهيز عدد من التلسكو بات لرصد هلال العيد. عند سماع الخبر أحسست أنّ لدينا مراكز الفلك تنافس وكالة "ناسا" الفضائيّة.
ماتت جدّتي "صالحة" ومات اسمها معها. لم يُسمِّ أبي أو أعمامي إحدى بناتهم بالاسم "صالحة". قد يكون ذلك لأنهم اعتقدوا أنّ الاسم قديم جدًا ولا يفي بالغرض ولا يُعجب نساءهم.
أنا كذلك لم أدعُ ابنتي "صالحة" بل بحثت عن اسم حديث، سلس وسهل وفي نفس الوقت يحمل معانٍ جميلة، أسميتها "ميس".
استغرب من أولئك الأشخاص الذين يضعون صور جثث الأطفال بوجوههم الشّاحبة التي اختفت ألوانها. لا أعرف ماذا يشعر الشّخص الذي يضع هذه الصّور في حسابات "الفيسبوك والانستجرام" ليحظى بإعجاب المتابعين الذين يكرّرون جملة "الله يرحمهم" اوتوماتيكيًّا. وعندما لفتّ نظر أحدهم ردّ عليّ قائلًا "ما دخلك".
أصبحنا نفرح صامتين ونبكي صامتين. تخيّلوا ردود فعل الأبناء والأحفاد عندما ينسى الجد أو الجدة أدق التفاصيل نتيجة اصابتهم بمرض "الخرف". الضحكات تعلو من كل صوب، والنكات تتعالى. هل هذا مصيرنا نحن أيضًا في المستقبل؟! هل سنكون عرضة لسخرية وشفقة أبنائنا وأحفادنا؟!
خرجت من بيتي في أحد أيام الخريف الحارّة. قادتني قدماي باتجاه البلدة القديمة في القدس، حيث لم أزرها من فترة طويلة، ربّما بسبب انشغالي المصطنع أو بسبب الأحداث السياسيّة المتتالية في الأيام الأخيرة.
نحن يا أصدقائي في "زمن الشّقلبة"، فحارس بنك يحمي ملايين الأموال راتبه 5 آلاف شاقل، وحارس مدرسة يحمي أعراض البنات راتبه 4 آلاف شاقل، لكن حارس مرمى يحمي شبكة وثلاث خشبات عقده 25 مليون دولار.
للأسف نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا. هناك أوطان كانت تنتسب إلى الأبطال، وغَدَت تُنسب إلى الصّبيان، إلى المغنين والمغنيات.
يستغربون أن يقوم شخص غريب بحمل طفل صغير، مساعدة لوالدته المتعبة. بالله عليكم كيف يستغربون من حمل طفل صغير ونحن من حملنا القضيّة 75 عامًا من المعاناة والهموم والمشقّة والتّهجير، حملناها وما زلنا نحملها نحن وأولادنا.
كنّا في الماضي فقراء، ليس فقرًا مُدقعًا، ولكن فقراء. وكانت لدينا، رغم الفقر والحاجة، قيم وأخلاق وأحببنا بعضنا البعض، وساعدنا وآزرنا بعضنا البعض، واحترمنا الكبير والصّغير والمحتاج وأكرمنا الضّيف وأغثنا الملهوف، واحترمنا المرأة، والأم، والأخت، والجدّة. راعينا حق الجار وزرنا بعضنا البعض وشاركنا بعضنا البعض في السّراء والضّراء، وهرعنا لمساعدة المحتاج واحترمنا الغريب وآويناه والكثير الكثير من الأشياء والأخلاقيات المميّزة.
من حق شعوبنا أن تفرح، من حقّنا أن نحلم ونحقق الأحلام. نجحت المغرب ولاعبيها الأبطال في توحيد العرب جميعًا حولهم، ونجحت في استرجاع ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على النجاح والانتصار رغم كل الصعاب، ولا تنسوا أنّ انتصاراتنا نادرة وخيباتنا بالأطنان.
كان المفروض أن نخرج إلى عرس الديمقراطيّة كما تصفه وسائل الإعلام، طبعًا بالجانب الصحيح لأنّ هناك من يصفه بعكس ذلك. كان المشهد غريبًا بعض الشيء، الشّارع مليء بالسّيارات المدجّجة بأعلام الأحزاب العربية المختلفة. الكل يبتسم بوجهك لفترة وجيزة حتى تدلي بصوتك، بعدها الله معك "خلّصت وظيفتك".
"هاي هاي انت يا ناصح!"
بادرني بهذه الكلمات. نظرت حولي، لم يكُن أحد غيري بالجوار.
"هل تتحدث معي؟!". "نعم معك، هل ترى أحدًا غيرك".
لن أصف لكم نهاية الحدث، لكن أقول لكم انّ نهايته لم تكن سعيدة، بأقل تقدير للشّخص الذي تحدّث معي.
دخلتُ إلى بيتي ليلًا بعد نهار طويل في العمل. دخلتُ إلى غرفتي المظلمة أتحسّس طريقي بصعوبة فقد كان الظّلام دامسًا ولا يوجد أدنى بصيص من النّور، فلم تكن لهذه الغرفة إلّا نافذة واحدة. حاولت جاهدًا أن أرى حولي لكن دون جدوى. الشيء الوحيد الذي تمكنت من سماعه كان عبارة عن همهمات خفيّة تتطاير في فضاء الغرفة بصورة غير منتظمة. اقتربت أكثر وتعمقت إلى داخل الغرفة ليتحوّل الصّوت إلى صوت أشبه بفحيح الأفاعي التي أخذت تعلو وتعلو حتى تحوّلت إلى صوت شخيرٍ مزعج يشقّ ظلام الغرفة. وما هي إلّا لحظات حتى شعرتً نفسي متعثّرًا بجسمٍ غريبٍ سرعان ما علا صوته بصرخات الألم والوجع.
أذكر أنني قد كتبت في إحدى مدوناتي السّابقة، مدوّنة بعنوان "الكرسي بتنسّي" والتي تطرّقت فيها إلى المسؤولين وكيف يجب أن يتصرفوا مع مرؤوسيهم. كما تحدثت عن الغرور "والكبرة" وأوصيتهم بالتّواضع وأنّ عليهم أن يتذكروا أين وكيف كانت بدايتهم، فالوظيفة غير دائمة والحياة غير خالدة.
هُنا خطر على بالي تساؤل: ماذا كُنتَ أنت أيّها القارئ الكريم، ماذا كنت تشعر لو كنت مسؤولًا؟
قال تعالى في محكم كتابه: "ولله على النّاس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا".
نعم "من استطاع إليه سبيلًا"؟!
تداولت وسائل الاعلام مؤخرًا خبر زيادة تكاليف الحج بشكل كبير وملحوظ حيث يصل تكاليف الشّخص الواحد ما يُعادل عشرة آلاف دولار أمريكي.
طبعًا هذا مبلغ كبير إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ غالبية الحُجّاج هم من عامة الشّعب أو حتى من الأشخاص غير المُقتدرين
ذهب ابني ذات مساء للقاء هذه الفتاة في أحد المقاهي في المدينة وبقينا أنا ووالدته ننتظر عودته على أحر من الجمر. بعد ساعة وربع عاد ابننا ودخل إلى غرفته فورًا. دخلنا أنا وأمه وراءه لنعرف ماذا حدث ولماذا عاد بهذه السّرعة. وعندما سألناه ما السّبب نطق ابننا كلمة واحدة لا غير: "فلاتر".
مشهد مروّع شاهدته بالأمس، ظاهرة مُقلقة صدمتني واصابتني في الصميم. من أكثر المشاهد المؤلمة التي رأيتها في السنوات الأخيرة بكل ما يخص العلميّة التعليميّة التربويّة.
ستتساءلون ماذا رأيت؟ أنتم بالتأكيد لا تستغربون شيئًا في هذه الأيام ولا تستبعدون شيئًا عن هذا الجيل السيء.
انتشرت مؤخّرًا ظاهرة الغش في امتحانات البجروت والتوجيهي. ظاهرة غش علنيّة، والأدهى من ذلك أنها لاقت تفهّمًا واستحسانًا في بعض الأوساط وخاصة الشّباب الذين يرون بذلك شجبًا واستنكارًا لمنهاج التوجيهي العقيم.
أما الآخرون، وهم الأغلبية، فقد استنكروا هذه الظاهرة وادّعوا أنها تزعزع أركان مجتمعنا العربي وتنشر ظاهرة الفساد بين الشباب والجيل الصّاعد.
لقد فكّرت طويلًا في موضوع مدوّنتي، وترددت أكثر، فهناك مواضيع لا أكتب فيها لحساسيّتها عند الكثير من النّاس. من هذه المواضيع هو موضوع الدّين. موضوع شائك بحدّ ذاته بين أفراد الدّين الواحد، فما بالك بما يخصّ الأديان الأُخرى.
نعم صحيح... شيرين أبو عاقلة. لقد كُتب الكثير عن الموضوع كما سيُكتب الكثير في المستقبل، فما زال التحقيق قائمًا ولن ينتهي قريبًا.
نريد رمضان آخر، نريد رمضان لا نتحدث به عن الأكل والشّرب أو الفضائل. نريد رمضان يخفف عن النّاس متاعبها، لا رمضان يثقل على كاهلنا. نريد رمضان خالٍ من احتكار للسّلع التجارية على يد من لا ضمير لهم ولا هدف لديهم غير الرّبح السّريع. نريد رمضان نشعر فيه ببعضنا البعض. نريد شهرًا من التزاحم بين النّاس
أنا مصدوم، مصعوق... يقولون " الّي بعيش كثير، بشوف كثير". منذ أسبوعين وبمحض الصدفة أرسلت لي صديقة مقطعًا أخذني إلى ما يُسمّى بلغة التواصل الاجتماعي " تيك توك " وهو تطبيق صيني يعتمد على توثيق لحظات من حياتنا من خلال تسجيل أفلام لمدة دقيقة واحدة كأقصى حد.
هل سمعتم يومًا عمّا يُسمّى "بنظريّة المؤامرة"؟
هذه النظريّة متداولة كثيرًا في الكثير من الأحداث في العالم، بدءًا من تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وحتى يومنا هذا. ومن بين الأمور التي تنصّ عليها نظريّة المؤامرة ببساطة، أنّ لا شيء يحدث بالصّدفة ولا شيء يكون كما يبدو عليه، وكل شيء مرتبط ببعضه. يعني باختصار شديد هي المصطلح المتداول عند النّاس والذي نصه: "فيها إنّ
نحن شعب لا يتوجه إلى الأطباء النفسيين وذلك لأسباب كثيرة لسنا بصددها هُنا. لكن يمكنني أن أقول إنه في حالة معرفتنا أنّ شخصُا معيّنًا يراجع طبيبًا نفسيًّا حتى تنقلب حياته رأسًا على عقب، فيُصبح موصومُا بالجنون أو العقد النّفسيّة وغيرها من التقوّلات اللانهائيّة. وإذا فعلها أحدنا فإنه يفعل ذلك بأعلى درجات السّرية.
هل نقول ما لا تفعل؟ نعم، صحيح. معظم النّاس يطالبونك بأن تكون صريحًا، وعندما تكون كذلك فإنهم يكرهونك وينعتونك بالغرور والوقاحة، بل أكثر من ذلك. فهم يقصونك ويبتعدون عنك، ويتحاشون التّحدث إليك أو التّعامل معك.
شكرًا لكَ يا سيادة الرئيس أنك قد شتّتّ وفرّقت صفوفنا وأعدتنا شعوبًا وقبائل لنتعارف من جديد، فأنتَ خبيرٌ في هذا المجال ولكَ باعٌ طويل في هذا المضمار، فكم من حزبٍ دمّرت ومن رئيسٍ عزلت وجمهورٍ حرّضت ووعودٍ أخلفت. أنا لا ألومك ولا أعاتبك، بل أثني عليك لأنك جعلتنا نختبر هشاشتنا وضعف إيماننا.
دعوني استذكر حدثًا جرى هذا الأسبوع في منصّات التّواصل الاجتماعي. هناك شاب أردني اسمه "عبسي" يظهر كثيرًا على "التيك توك" بلا محتوى يُذكر أو مضمون محدد. لكن ممّا يلفت الانتباه أنّ هذا الشّاب لديه أكثر من مليون متابع في العالم العربي، ويقدم مضمونه اللامحتوى فيه على الملأ.
من منّا لم يتمنَ، عندما كان طالبًا، أن تُهدم المدرسة أو أن يتم قذفها بصاروخ أرض أرض؟ طبعًا أُمنياتنا، التي لم تتحقق، كانت موجّهة إلى أيام العُطلة الأسبوعيّة حتى لا يُصاب أحدٌ، لا سمح الله.
كم كرهنا المدرسة آنذاك. ثم كبرنا وتعلّمنا وأصبحنا معلّمين. وهُنا أيضًا كرهنا المدرسة وتمنينا أن تُهدم المدرسة مرةً أُخرى، وأيضًا في نهاية الأسبوع حتى لا يُصاب أحدٌ، لا سمح الله. فنحن في نهاية الأمر تربويين ولا نرغب بوقوع ضرر لأحد
كم من شيطان صادفتُ في الأيام الأخيرة، شياطين تسير على الأقدام متمثلة بأناس أعرفها وأصادفها يوميًا. هل من المعقول أنّ الشّياطين قد أخذت أدوار البشر أم أنَّ البشر أخذوا ادوارهم. إذا لم يكن الأمر كذلك فما هو تفسير الأعمال الشّيطانيّة التي تسود مجتمعنا والتي تنتشر كالنّار في الهشيم وتزداد يومًا بعد يوم، متمثّلة بالكراهية والحقد والحسد والخبث وغيرها من الصّفات الكريهة.
شكرًا رمضان، من قلوب أخواتنا، على زياراتنا لهنّ في العيد، ولو كانت زيارات خاطفة قصيرة، رفعنا فيها العتب عن أنفسنا وجبرنا خواطرهنّ ببعض "الشواقل" الزّرقاء منها والصّفراء والتي لم يؤثر عليها ارتفاع الأسعار أو التضخّم المالي في الأسواق المحلّيّة فحافظت على قيمتها وبقيت كما هي منذ عشرة أعوام أو أكثر.
باعتقادي، ومن خلال أحاديث داخليّة رجاليّة، فإن الكثيرين من الرّجال يرغبون بالزّواج من أكثر من امرأة واحدة، ولكنّ الأغلبية لا يستطيعون ذلك، إمّا خوفًا من زوجاتهم، أو لمنع القانون لتعدد الزوجات، وإمّا لأسباب اقتصاديّة، فمن منّا يستطيع اليوم أن يفتح بيتًا اضافيًا ويتحمّل تكاليف الزّواج الباهظة الثمن؟
"عاد إلى البيت بعد يوم عمل طويل، فتحت له زوجته الباب كما اعتادت أن تفعل. دخل إلى البيت بعد إلقاء التّحية. نظرت إليه زوجته، لم يكن يحمل بيديه إلّا حقيبة العمل...، لاحظ نظرات خيبة الأمل على وجه زوجته: "الأكل بالفرن" قالتها بلا مبالاة. لم يعْتد ذلك فقد كانت تحضّر له المائدة فور وصوله
من الأمور التي كانت وما زالت راسخة في ذهني ان بعض الناس لا يكرهوننا لمساوئنا، بل يكرهوننا لحسناتنا. ومن هذا المنطلق يخفي البعض منّا أصدقاءهم وصداقاتهم خوفًا من الحسد. هذا على الاقل ما أخبرتني به زميلة لي أنها لا تحب أن يرى الناس أصدقاءها كي لا يحاولوا التّفريق بينهم. قد يرى البعض بهذا الأمر مبالغة ومغالاة غير اعتيادية. ولكن في الأمر بعض الرمزيّة، إذ أصبحنا نخاف على صداقتنا الحقيقيّة من الحسد لنُدرتها.
أكيد كلكم سمعتم بالمصطلح "توقيت عربي". هذا المصطلح يعني به قائله إنه لن يلتزم بالوقت، يعني إذا قال إنه سيلتقي بك الساعة الخامسة، معنى ذلك أنه لديه مجال للتأخر حتى ثلاث ساعات على الأقل. بالحقيقة هذا الاصطلاح هو من أكثر الاصطلاحات إهانة للمجتمع العربي، فهو تأكيد أننا لن نلتزم بالوقت المتعارف عليه عند الأمم الأخُرى، فالتوقيت لدينا والتأخير له صفة العروبة.
لقد لاقت مدوّنتي الأخيرة المعنونة تحت عنوان: "للنّساء فقط" إقبالًا كبيرًا خاصّة بين صفوف النّساء. وافقت بعض النّساء على ما قلته، البعض اقتناعًا والبعض الآخر مجاملةً لي. ولكن معظم المعلِّقات بالرّسائل الخاصّة كانت: "دعنا نرى ماذا ستقول الأسبوع القادم للرّجال". أحسست أنني بموقع الامتحان، وأنّ الكل ينتظر بترقّب شديد إلى ما سأكتبه في توجّهي للرّجال.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل من المعقول أن يكون هذا الشخص قد استفزّنا وأشعل نار الوطنيّة فينا، الوطنيّة التي طالما وضعت تحت المحك بكل ما يخص عرب الدّاخل الفلسطيني؟ الوطنيّة التي طالما شكّك فيها حتى أقرب المقرّبين إلينا. أو هل من المعقول أننا قد اتّبعنا "ترند" عالمي وركبنا على الموجة؟!
في هذه المدوّنة سأتوجه في كلامي للمرأة والنّساء في مجتمعنا. سيقول البعض لماذا بدأت بالنّساء بالذّات، حيث كان أحق وأولى، وأنت رجلً، أن تبدأ بالرّجال، فأنت منهم وتعرفهم جيدًا.
لقد اخترت أن أبدأ بالنّساء لأنني أعرف أنّ المرأة هي عماد المجتمع، وهي نصف المجتمع وهي التي تربّي النّصف الثاني.